dimanche 20 avril 2014

Russia and the crisis of Ukraine, march 2014, in arabic



روسيا والأزمة الأوكرانية         
سمير أمين                                                                              
نشر فى : الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:45 ص

تهيمن على الساحة العالمية الحالية محاولة المراكز التاريخية للإمبريالية (الولايات المتحدة وغرب ووسط أوروبا، واليابان؛ المسماة «الثالوث») للحفاظ على سيطرتها الخالصة على كوكب الأرض من خلال مزيج من: (أ) ما يسمى سياسات العولمة الاقتصادية الليبرالية الجديدة، التى تسمح لرأس المال المالى العابر للقومية، التابع للثالوث، أن ينفرد بإصدار القرارات وحده فى جميع القضايا بما يحقق مصالح هذه الدول وحدها. (ب) السيطرة العسكرية على الكوكب من قبل الولايات المتحدة وحلفائها التابعين (الناتو واليابان) من أجل القضاء على أى محاولة من أى بلد خارج الثالوث للإنعتاق من الاستعباد.
وفى هذا السياق تعتبر جميع دول العالم خارج الثالوث (وبالتالى روسيا أيضا) أعداء محتملين. ويوضح التطور الحالى لمأساة أوكرانيا حقيقة الهدف الإستراتيجى للثالوث. وقد نظم الثالوث فى كييف «انقلابا أوروبيا/ نازيا». وليست ادعاءات الإعلام الغربية، بأن سياسات الثالوث تهدف إلى تعزيز الديمقراطية، سوى مجرد كذبة. فلم يشجع الثالوث الديمقراطية فى أى مكان. بل على العكس، كانت هذه السياسات تدعم بصورة منهجية أشد القوى المحلية عداء للديمقراطية: فى يوغوسلافيا السابقة وشرق أوروبا، ودعم الثالوث فى بلدان الجنوب القوى الأشد تطرفا فى معاداة الديمقراطية، مثل الإسلام السياسى الرجعى المتطرف، ودمر بتواطئه هذه المجتمعات: وتوضح حالات العراق وسوريا ومصر وليبيا، أهداف المشروع الإمبريالى للثالوث.
•••
لذا يجب دعم سياسة روسيا (كما وضعتها إدارة بوتين) لمقاومة مشروع الاستعمار فى أوكرانيا (وغيرها من بلدان الإتحاد السوفييتى السابق، فى القوقاز وآسيا الوسطى). كما ينبغى مساندة الهدف من إقامة مجتمع «اليورو آسيا»، مستقلا عن الثالوث وشريكه الأوروبى التابع له.
ولكن هذه «السياسة الدولية» الروسية الإيجابية، لا بد أن تفشل إذا لم تكن مدعومة من قبل الشعب الروسى. ولا يمكن أن تفوز بهذا الدعم على أساس «الوطنية» وحدها. ولا يمكن أن تقدم الليبرالية الجديدة لروسيا سوى التدهور الاقتصادى والاجتماعى المأساوى، وشكل من أشكال «التنمية الرديئة» وتزايد حالة التبعية فى النظام الإمبريالى العالمى. وتقدم روسيا إلى الثالوث، البترول والغاز وبعض الموارد الطبيعية الأخرى؛ ويمكن أن تتراجع ​​صناعاتها إلى حالة التعاقد من الباطن لصالح الاحتكارات المالية الغربية. وفى مثل هذا الوضع، الذى تعيشه روسيا اليوم فى النظام العالمى، ستظل محاولاتها للتصرف بصورة مستقلة على الساحة الدولية هشة إلى أقصى حد، مهددة بالعقوبات والتى سوف تدفع حكم الأقلية الاقتصادية إلى الانحياز الكارثى لمطالب الاحتكارات المسيطرة فى الثالوث.
•••
ومن ثم، تختلف السياسة الشعبوية، قدر الإمكان، عن وصفات «الليبرالية» والمساخر الانتخابية المرتبطة بها، التى تضفى شرعية على سياسات اجتماعية رجعية. ولعلى أقترح بدلا منها، إنشاء أى نوع من أنواع رأسمالية الدولة الجديدة ذات البعد الاجتماعى (أقول الاجتماعى، وليس الاشتراكي). ويفتح هذا النظام الطريق فى نهاية المطاف إلى الإدارة الاجتماعية للاقتصاد، وبالتالى التقدم نحو أحد اشكال الديمقراطية التى تستجيب لتحديات الاقتصاد الحديث.
ولا يمكن أن تؤدى هذه التحركات الروسية إلى نتائج إيجابية فى الصراع الحالى بين سعى موسكو لاتباع سياسة دولية مستقلة من ناحية ومن ناحية أخرى اتباع سياسة داخلية اجتماعية رجعية. ولكن هناك ضرورة لاتخاذ خطوة ممكنة: يمكن أن تنحاز شرائح من الطبقة الحاكمة السياسية إلى مثل هذا البرنامج إذا قام على التعبئة والحركة الشعبيتين. ومن شأن إحراز تقدم مماثل أيضا فى أوكرانيا، والقوقاز وآسيا الوسطى، أن ينشئ مجتمعا حقيقيا فى الدول الأوروبية والآسيوية ليصبح لاعبا قويا فى إعادة بناء النظام العالمى. ويقضى ما تبقى من سلطة الدولة الروسية داخل حدود صارمة تفرضها وصفة الليبرالية الجديدة على فرص نجاح أى سياسة خارجية مستقلة، وعلى فرص روسيا فى أن تصبح دولة ناشئة فعليا، تتصرف كفاعل مهم دوليا.
·          
·          

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire