نشر فى : الخميس 29 مايو 2014 -
5:10 ص | آخر تحديث : الخميس 29 مايو 2014 - 5:10 ص
1 ـ تم تصميم البناء الأوروبى من أجل إدامة الليبرالية الاقتصادية غير
المقيدة. وكما قال جيسكار ديستان بعد التوقيع على معاهدة ماسترخت (1992)
«الاشتراكية الآن غير مشروعة». وكان هذا البناء غير ديمقراطى منذ البداية؛ فهو
يحرم البرلمانات المنتخبة من أى أمل فى أن يسمح لهم الخروج من إملاءات بروكسل
البيروقراطية غير المنتخبة. ومع ظهور الاحتكارات ذات التمويل المعولم، أصبح
الاتحاد الأوروبى أداة السلطة الحصرية الاقتصادية والسياسية ـ فى يد الأقلية
الصغيرة.
2 ــ غير
أن هذا النظام الليبرالى المتطرف غير قابل للتطبيق. حيث يعتبر دافعه الوحيد إدامة
تركيز الثروة والسلطة بلا نهاية؛ على حساب فرض التقشف المستمر على الأغلبية،
وتدهور الخدمات العامة، والعجز المالى المتزايد، بل والركود. ولن يمكن أن يستمر
الاستثناء (ألمانيا اليوم) إلا بقدر تقبل الآخرين لمصيرهم المحزن. وليس هناك معنى
لشعار «افعلوا مثل ألمانيا» حيث لا يمكن استنساخها.
•••
3 ـ وتعكس الانتخابات الأوروبية
الحالية فى مايو 2014 رفض الأغلبية فى أوروبا «تلك»، حتى لو كان الناس لا يدركون
أنه ليس من الممكن إيجاد «أوروبا أخرى». فقد امتنع أكثر من نصف الناخبين عن
التصويت، وقام بالتصويت أكثر من 70٪ فى أوروبا الشرقية؛ بينما صوت 20٪ لأحزاب
اليمين المتطرف الذى يعانى من رهاب الوحدة الأوروبية، وهو يسيطر فى بريطانيا
وفرنسا؛ وصوتت نسبة 6٪ لليسار الراديكالى. ولكن غالبية من صوتوا لاتزال تعبر عن
اعتقاد ساذج فى إمكانية إصلاح النظام، وهو الإصلاح المستحيل بفعل الدستور الأوروبى.
ولا شك أن التصويت لليمين المتطرف أمر خطير. فعادة، لا يوجه
الفاشيون نقدهم إلى المسئولين عن الكارثة، وهم الاحتكارات؛ وإنما يتم نقل النقاش
إلى مناطق أخرى وإلقاء اللوم على الضعفاء، أى المهاجرين! ولكن هذا الفوز المحزن
ناجم على نحو كبير من عدم جرأة اليسار الراديكالى فى نقده للنظام الأوروبى وتقديم
المقترحات من أجل التغيير. بل إنهم يغذون وهم الأمل فى الإصلاح.
4ــ فى كتابى «انهيار الرأسمالية
المعاصرة» (2012) أوضحت أن هذا التراجع الدرامى فى أوروبا يعود إلى الثلاثينيات من
القرن الماضى. وسوف يكون لدينا أوروبا «ألمانية» صغيرة، مع أشباه المستعمرات فى
أوروبا الشرقية؛ وتختار فرنسا موقف فيشى وتقبل الارتباط به (ولكن مازال من الممكن
فى وقت لاحق ظهور رفض ديجولى)؛ وتنأى بريطانيا بنفسها أكثر من أى وقت مضى، عن
المشكلات الأوروبية، وتعمق اندماجها فى النظام الأطلسى الذى تهيمن عليه الولايات
المتحدة؛ وتتردد ايطاليا واسبانيا بين التطلع إلى برلين أو السعى نحو لندن. ولا شك
أن الانتخابات الأوروبية تعبر عن خطوة إلى الأمام فى هذا الاتجاه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire